سورة يونس - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يونس)


        


أنكروا جواز الروّية فَلَمْ يرجوها، والمؤمِنون آمنوا بِجَوَازِ الرؤية فأملوها.
ويقال: لا يرجون لقاءَه لأنهم لم يشتاقوا إليه، ولم يشتاقوا إليه لأنهم لم يُحبُّوه لأنهم لم يعرفوه، ولم يعرفوه لأنهم لم يطلبوه لأنه أراد ألاَّ يطلبوه، قال تعالى: {وَأَنَّ إلَى رَبِّكَ المُنْتَهَى} [النجم: 42].
ويقال لو أراد أن يطلبوه لطلبوه، ولو طلبوا لعرفوا، ولو عرفوا لأحبُّوا، ولو أحبُّوا لاشتاقوا، ولو اشتاقوا لرجوا، ولو رجعوا لأمَّلوا لقاءَه، قال تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لأَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُداهَا} [السجدة: 31].
قوله تعالى: {وَرَضُوا بِالحَياةِ الدُّنْيَا وَاطمَأَنُّوا بِهَا}: أصحابُ الدنيا رضوا بالحياة الدنيا فَحُرِمُوا الجنةَ، والزُّهَّادُ والعُبَّاد رَكَنُوا إلى الجنة ورضوا بها فبقوا عن الوصلة، وقد عَلِمَ كلُّ أناسٍ معشْرَبهم، ولكلُّ أحدٍ مقامٌ.
ويقال إذا كانوا لا يرجون لقاءَه فمأواهم العذابُ والفرقة، فدليلُ الخطاب أن الذي يرجو لقاءَه رآه، ومآلُه ومنتهاه الوصلةُ واللقاء الزُّلْفة.


كما هداهم اليومَ إلى معرفته من غير ذريعة يهديهم غداً إلى جنته ومثوبته من غير نصيرٍ من المخلوقين ولا وسيلة.
ويقال أَمَّا المطيعون فنورهم يسعى بن أيديهم وهم على مراكب طاعاتهم، والملائكةُ تتلقَّاهم والحقُّ، قال تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ المُتَّقِينَ إلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً} [مريم: 85] نحشرهم، والعاصون يَبْقَوْن منفردين متفرقين، لا يقف لهم العابدون، ويتطوحون في مطاحات القيامة.
والحقُّ- سبحانه- يقول لهم: عِبَادي، إنَّ أصحابَ الجنة- اليومَ- في شُغلٍ عنكم، إنهم في الثواب لا يتفرَّغون إليكم، وأصحابُ النار من شدة العذابِ لا يرقبون لكم معاشِِرَ المساكين.
كيف أنتم إنْ كان أشكالكم وأصحابكم سبقوكم وواحدٌ متهم لا يهديكم فأنا أهديكم. لأني إنْ عاملتكم بما تستوجبون..... فأين الكرمُ بحقنا إذا كنا في الجفاء مِثلهم وهجرناكم كما هجروكم؟


قالتُهم الثناءُ على الله، وذلك في حال لقائهم. وتحيتهم في تلك الحالة من الله: {سلام عليكم} {وَءَاخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ}: والحمد هاهنا بمعنى المدح والثناء، فيثنون عليه ويحمدونه بحمدِ أبديٍّ سرمديٍّ، والحقُّ- سبحانه- يُحَييِّهم بسلامٍ أزليٍّ وكلام أبدي، وهو عزيزٌ صمديٍّ ومجيدٌ أحديٍّ.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8